18 يونيو 2010

تكلَّم ـ لكن لا تفصل النعم عن الـ كلا | بول تسيلان


كان يوجد فيهم تراب، 
كانوا يحفرون. 
كانوا يحفرون، يحفرون، هكذا 
قضى نهارهم، ليلهم. لم يسبّحوا الله 
الذي ـ كانوا يعتقدون ـ كان يريد كلّ هذا، 
الذي ـ كانوا يعتقدون ـ كان يريد كلّ هذا. 
كانوا يحفرون، ولم يعودوا يسمعون، 
لم يصبحوا حكماء، لم يخترعوا الأُغنية، 
لم يتخيلوا أيّ نوع لغة، 
كانوا يحفرون. 
أتى هدوء، أتت أيضاً عاصفة، 
أتت كلّ البحار. 
أحفُر، تَحفُر، تحفر أيضاً الدودة 
والذي يغني هناك يقول: يحفرون. 
يا واحد، يا عديم، يا أحد، يا أنت: 
الى أين هذا، إلاّ الى اللا مكان؟ 
آه أنت تحفُر وأنا أحفُر، أحفر بنفسي إليك - 
في إصبعنا يستيقظ الخاتم. 
**** ****
كلمة الذهاب ـ الى ـ العمق، 
تلك التي قرأناها. 
السنون، الكلمات منذ ذلك الحين، 
أتعرِف، ليس عليك ان تطير، 
أتعرِف، ما هو مدوَّن في عينكَ، 
يُعمِّق لنا العمق. 
**** ****
بالنبيذ وبالخسارة، بـ 
ثُفلِ هذا وذاك: 
كنتُ اتخيِّل عبر الثلج، أتسمع، 
كنت أركبُ الله في البعيد ـ القريب، كان يضحك. 
كانت آخر نزهة فوق 
سياج البشر. 
كانوا ينحنون، عندما 
يسمعوننا من فوقهم، كانوا 
يدوِّنون، 
يخونون صهيلنا 
في إحدى 
لغاتهم التصويرية. 
**** ****
مع كلّ الأفكار خرجتُ 
من العالم: كنتِ هنا، 
أنتِ، صامتتي، مفتوحتي، و 
استقبلتنا. 
من 
قال ان كلّ شيء موت لنا 
عندما تنطفئ أعيننا؟ 
يصحو كلّ شيء ويبدأ. 
كبيرة، أتت شمس الى الشط، واضحتان، 
روح وروح واجهتاها 
آمرتين، أسكتتا 
مدارها 
دون جهد، 
انفرج ثديكِ، هادئاً، 
ارتفع نَفَسٌ في الأثير، 
ما توافقت ألوانه، ألم يكن، 
ألم يكن شكلاً، ومخرجاً لنا، 
ألم يكن بالتحديد اسماً؟ 
**** ****
روائح الخريف، خرساء. الـ 
وردة ـ النجمة، غير المكسورة، مرّت 
بي مكان ولادة وهاوية عبر 
ذاكرتُكِ. 
خسارة غريبة 
تجسّدت، كنتِ 
على وشك 
الحياة. 
**** ****
لن يعيد جبْلُنا أحد من تراب وغرين، 
لن يبارك أحد غُبارنا. 
لا أحد. 
مبارك أنتَ، لا أحد. 
من اجل حبكَ نريد ان نُزهر. 
ضدّ 
كَ. 
عدم 
كنّا، نحن، س 
نبقى، مُزهرين: 
وردة لا شيء، 
وردة لا أحد. 
بـأسلوب الروح الفاتحة، 
مع قماش صحراء ـ السموات، 
مع التاج الأحمر 
للكلمة الأرجوانية التي كنّا نغنّيها 
ما فوق، ما فوق 
الشوكة. 
**** ****
لم تعُد 
هذه 
الجاذبية أحياناً 
الغارقة في الساعة معكِ. إنها 
واحدة أخرى. 
إنه الثقل الذي يردعُ العدم 
الذي معكِ 
قد يزول. 
لا يملك، مثلُكِ، اسماً. ربما 
أنتما شيئاً واحداً. ربما 
تعطينني ايضاً يوماً هذا 
الاسم. 
**** ****
الحجارة 
النيّرة تعبر الرياح، الـ 
البيضاء ـ الفاتحة، الحاملة 
للضوء. 
إنها لا تريد 
إن تلمس الكعب، الهاوية، 
هدفها. إنها 
تصعدُ، 
كالنسرين 
المتواضعة، إنها تنفرج، 
إنها تحلّق، 
نحوكِ يا صامتتي، 
يا حقيقيّتي ـ: 
أراكِ، تقطفينها بـ 
يديّ الجديدتين، بـ 
يديّ ـ للجميع، تضعينها 
في ما هو مرّة ـ أخرى ـ وضوح، ما 
لا يحتاج أن يبكيه او يُسمّيه أحد. 
**** ****
ماذا حصل؟ خرجت الحجرة من الجبل 
من صحا؟ أنتِ أو أنا. 
لغة، لغة. نجمة ـ شقيقة. ارض ـ جارة. 
أفقر. مفتوحة. مولّدة. 
الى أين يذهب؟ الى ما يرنُّ ـ أيضاً. 
مع الحجرة، معنا نحن الإثنان. 
قلب وقلب. وُجِد جداً ثقيل. 
تحوَّل الى أثقل. كُن أخفّ. 
**** ****
قدّم نفسه إليكِ في يدِكِ: 
»الأنتِ«، دون موت، 
قربه كلّ »الأنا« عاد الى نفسه. حوله 
دارت الأصوات دون الكلمات، أشكال فارغة، كل شيء 
كان يمرّ بها، ممزوجاً، 
مُنَسَّقاً، 
وممزوجاً 
من جديد. 
وكانت الأرقام 
مُحاكة في 
اللامعدود. واحد، ألف، والذي 
في الأمام 
والوراء 
كان أكــبر من الذات، أصغر، وصل 
الى أوانه، ثم بتحوُّل 
رجعي ومُراقب 
تحوّل الى »أبداً« 
يَنبُت. 
**** ****
في الأنهار، عند شمال المستقبل، 
أرمي بالشباك 
التي تُرهقُهُ، متردِّداً، 
بالأخيلة 
التي كتبتها الأحجار. 
**** ****
الصمود وقوفاً، في ظلّ 
وصمة الجروح في الهواء. 
الصمود ـ وقوفاً ـ من ـ أجل ـ لا ـ أحد ـ ولا ـ شيء 
غير متعرَّف عليه، 
من أجلكِ 
وحدكِ. 
مع كلّ ما كان هنا فضاءً، 
وحتى دون 
كلام. 
**** ****
نجوم ـ خيوط 
فوق الصحراء الرمادية ـ السوداء. 
فكرة على علو 
شجرة 
تلتقط صوت ضوء: لا يزال يوجد 
اناشيد للغناء ما فوق 
البشر. 
**** ****
خُديدات مرآة انقصاف، محاور ثنيات، 
نقاط 
تقاطع: 
ساحتُك. 
عند قطبي 
زهرة الانغلاق، مقروءة: 
كلمتُك الممنوعة. 
حقيقية عند الشمال. واضحة عند الجنوب. 
**** ****
(أعرفُكِ، أنتِ الجد محنيّة، 
وأنا، المخروق، لكِ خاضع. 
أين تلتهب كلمة تشهد من أجلنا؟ 
أنتِ ـ تماماً واقعية. أنا ـ جنون كامل.) 
**** ****
إبقى قابلاً للغناء ـ الصورة الظليّة 
للذي من خلال 
الكتابة ـ المنجل خرق دون صوت، 
منزوياً، عند مكان الثلج. 
يدور 
تحت الحاجبين ـ 
المذنّبين 
وزن النظر، الذي 
نحوه ينحرف زهيداً 
القلب القمري المعتَّم 
مع 
الشرارة المُلتقَطَة من الخارج. 
ـ فمٌ محروم من حق التكلُّم، بَلِّغ 
انه يحصل أمرٌ ما، مرّة أخرى، 
بالقرب منكِ. 
**** ****
شغف للنور ـ معه 
تسلّقتُ درج 
الخبز، 
أتيتُ تحت جرس 
العميان: 
هي، النيّرة 
كالمياه 
تُغطّي الحرية 
التي صعدت معي، مع 
ي ضائعة في التبذير 
الذي تلتهمه إحدى السموات، 
التي جعلتُها تنحني فوق 
درب الصوَر، درب الدماء، 
جارٍ فيها كلام يغرق. 
**** ****
عندما وقَعَ علينا الأبيض، خلال الليل: 
عندما من الجرّة الموزَّعة أتى 
أكثر من المياه، 
عندما نادت الركبة المجلوفة 
الى جرس التضحية: 
إذهب، طر! 
حينها 
كنتُ 
لم أزل كاملاً. 
**** ****
كُن أعمى منذ اليوم: 
الأزلية أيضاً تعجّ بالعيون 
فيها 
يغرق من ساعد الصوَر على العبور 
فوق الطريق التي أتت منها 
فيها 
ينطفئ ما، أنت أيضاً، سلَبَكَ 
من الكلام، بحركة 
ترَكَتها تحدث مثل 
ربصة كلمتين من خريف 
بسيط، من حريرٍ وعدم. 
أسودين 
مثل جرح الذكرى، 
تفتِّش العينات وتجدانك 
في بلد تاج 
عضّته أسنان قلب 
لا يزال سريرنا: 
من هذا البير المحفور يجب ان تأتي ـ 
تأتي. 
باتجاه 
البذور 
يُشعُّكَ البحر، الى صميمك، الى الأبد. 
للتسمية نهاية 
عليك أرمي بقدري. 
**** ****
من هنا وهناك مدفوع 
النور ـ الأزلي، أصفر حامض 
وراء 
رؤوس كواكب. 
نظرات 
مبتكرة، ندبات 
ظاهرة، 
محفورة في المركبة الفضائية، 
تتسوَّل أفواهاً 
أرضية. 
أين؟ 
في أوزان الليل المتحركة. 
في الحصبة حزن ملفوف ومدفوع، 
في أبطأ الانتفاضات، 
في بئرـ الحكمة أبداً. 
إبَر من المياه 
تعيد حياكة الظلّ 
المنفجر ـ إنه يحارب، 
ينقلع الى الأسفل نحو الأعماق، 
حُرّ. 
غاب الكون، عليَّ ان أحمِلَكِ. 
**** ****
مرّة، 
سمعته، 
كان يغسل الكون، 
غير مرئياً، طوال الليل، 
فعلاً. 
واحد وبلا حدود، 
مُدمَّر، 
كانوا يقولون »الأنا«. 
كان الضوء. إنقاذ.
**** **** ****
ترجمة رودولف ضاهر
من قصائد ديوانيّ »وردة اللاأحد« (La rose de personne) و »انقلاب النَفَس« (La renverse du souffle) المنشورين عامي ١٩٦٣ و،١٩٦٧ واللذيــن نشــرا ىمترجمين (بشكلٍ ممتاز) الى الفرنسية عند دار نشــر لو ســويّ (Le Seuil) في مجمــوعة بــوان بويــزي (Points - Poésie).